حكم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم

الحمد لله الذي أكمل لنا ديننا وأتم علينا نعمته ورضي لنا الإسلام دينا, أما بعد ...
الدعاء هو سلاح المسلم وهو عبادة يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه وتعالى سواءا كان على وجه العبادة والطاعة وامتثال الأمر, أو كان على وجه سؤاله والاستعاذة به رغبة إليه في جلب المنافع ودفع المضار, ولكن هناك بعض الناس يقعون في الشبهات ويظنون أنهم على صواب , ومن الشبهات التي يقعون فيها: الشرك , ومنه التوسل بجاه النبي محمد صلى الله عليه وسلم والأنبياء والصالحين, وهذا بسبب التضليل الإعلامي من المسلسلات والأفلام التي تقال فيها هذه العبارات الهابطة عبر القنوات العربية بالإضافة إلى الكتب المنتشرة في البلاد الإسلامية من طرف أصحاب البدع وأعداء الدين للتضليل بأحاديث موضوعة وبعضها مخترعة من أصحاب البدع نذكر منها هذا الحديث ليكون المسلم على بصيرة :
1) الحديث الذي فيه " إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عظيم " هذا الحديث مكذوب ليس له شيء من كتاب المسلمين التي يعتمد عليها ولم يذكره أحد من أهل العلم (الحديث الأول: المصدر السابق 10-319)
2) الحديث الثاني من حدي أبي سعيد " أسألك بحق السـائلين عليك وبحق ممشـاي هذا " فهذا الحديث رواه عطية العوفي وفيه ضعف.
معناه أسألك بحق السائلين, فإن حق السائلين عليه سبحانه وتعالى أنه يجيبهم, وحق المطيعين له أن يثبتهم, فالسؤال له وطاعته سبب لحصول إجابته وإثابته, فهو من التوسل به والتوجه إليه.
فالوسيلة التي أمر بها الله باتباعها إليه تعم في عبادته, وفي مسألته, فالتوسل إلى الله بالأعمـال الصالحة وبدعاء أحياء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم ليس هو من باب الإقسام عليه بمخلوقاته ومن هذا الباب انتفاع الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة, فإنهم يطلبون منه أن يشفع لهم إلى الله كما كانوا في الدنيا يطلبون منه أن يدعوا لهم في الاستسقاء وغيره.
قول عمر رضي الله عنه: " إنا كنا إذا أجذبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا"
معناه: نتوسل إليك بدعائه وشفاعته وسؤاله, ونحن نتوسل إليك بدعاء عمه وسؤاله وشفاعته
مثل: أنا رفعت يدي ودعوت الله أن يقضي لي حاجتي, فأقول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك, وأثني على الله وأصلي على النبي (اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد وعلى آل محمد وبارك عليه) وأذكر حاجتي ثم أتم الدعـاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم, فهذا دعاء فرد واحد, وإذا طلبت منك الدعاء لي نصبح إثنين فهذه تصبح شفاعته وتصبح توسل باك, فاعلم أن ذلك التوسل الذي ذكروه هو مما يفعله الأحياء دون الأموات, هو توسل بدعائهم وشفاعتهم فإن الحي يطلب منه ذلك, والميت لا يطلب منه شيء لا دعاء ولا غيره ، ونستدل أيضا بحديث الأعمى الذي رواه النسائي في السنن الكبرى والإمام أحمد في مسنده وهو صحيح, فإنه طلب منه النبي صلى الله عليه وسلم دعاءا أمر فيه أن يسأل الله قبول شفاعة نبيه فيه " الصراط المستقيم لابن تيمية.
حكم التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
- أن نتوسل بالإيمان بفهم التوسل الصحيح مثل: أن تقول " اللهم إني آمنت بك وبرسولك فاغفر لي " فهذا جائز في حياته وبعد مماته, ونستدل بهذه الآية من سورة آل عمران, قال الله عز وجل: ﴿ ربنا إنا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار﴾ الآية 193 آل عمران.
- القسم الثاني: أن يتوسل بدعائه, أي بأن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعوا له فهذا جائز في حياته لا بعد مماته ، لأن بعد مماته متعذر.
- القسم الثالث: أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله, فهذا لا يجوز في حياته ولا بعد مماته لأنه ليس وسيلة إذ أنه لا يوصل الإنسان إلى مقصوده, لأنه ليس من عمله.
فإذا قال قائل: جئت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عند قبره وسألته أن يستغفر لي أو أن يشفع لي عند الله فهذا لا يجوز, لأنه إذا مات العبد انقطع عنه عمله إلا من ثلاث كما قال صلى الله عليه وسلم: "صدقة جارية أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له " فلا يمكن لإنسان أن يستغفر له أو لنفسه بعد مماته. – فتاوى الشيخ ابن عثيمين 1/89 –
من كتـاب الصراط المستقيم لابن تيمية و فتاوى الشيخ بن عثيمين.